شرح أبيات القصيدة
:
مواضع الوصف عند ابن الرومي :
وصف الطبيعة، وصف الرياض، وصف المرأة ، وصف المغنية، وصف المآكل التي شاع أمرها
وعظم التفنن بها في عصره .وصف ابن الرومي نمط مبتكر، فهو لا يقف أمام الطبيعة وقفته
أمام منظر جامد ينقل وقائعه آليا ، بل يشعر وهو أمامها بعاطفته، يشعر بتداخل
وجداني يجعله والطبيعة شخصين متحابين ،فيشف وصفه لها عن "شغف الحي بالحي أو
شوق الصاحب للصاحب".
و في قصيدته وصف الرياض التي يقول فيها :
ورياض تخايل الأرض فيها خيلاء الفتاة في الأبراد
فهذه القصيدة تتضمن تشخيصا للطبيعة، وترسم لوحة فنية باهتة الألوان، حقا، ولكنها
تضج بالحركة والحيوية .
فابن الرومي يعمد إلى وصف الرياض ،استجابة لما في نفسه من إعجاب بها، أو انتشاء بمنظرها الأخاذ ، فيشبهها بالفتاة المتمايلة زهوا في أثوابه الواسعة ويستمر فيقول أن ما فيها من وشي تناسجته السحب (سحب الليل و النهار )فشخصها –هذه السحب في صورة الإنسان الذي يجيد نسج الأثواب ،و يستمر بعد ذلك ليقول أن ما في الرياض من جمال و خضرة جاء مبهجا للعين فكأنه يشكر الأمطار المتتالية على ما أسبغته على الرياض من فيضها . ويكون الشكر بالرائحة العطرة المنتشرة في البلاد ، والتي تسري في الأجسام مسرى الرواح في الأجساد وكما يقال الرائحة الطيبة ترد الروح ، وهذه الرائحة كأنها شكر تحمله الرياح على ألسن العواد ((من يزور المريض ) .
ولكنه في كل ذلك لا يعفي القصيدة من مسحة الحزن العامة التي تشيع في معظم شعره ،
فيربط بين الرائحة الزكية ورائحة الأولاد ؛فأفضل الأولاد وأصلحهم له رائحة طيبة
وهو يرى الحمائم قد ضيعت أقرانها، فرادا مفجعات وحيدات، تبكي من الحزن والأسى، وفي
ذلك انعكاس للحياة التي عاشها وحيدا بعد فقده لزوجته وأولاده نتيجة للوباء الذي حل
بمنطقته، وحصدت يد الموت أفراد عائلته و ذويه فدفنهم واحدا تلو الآخر ، فكان له تأثير على شاعر حساس كابن الرومي فقد جعل قبور أهله وأحبابه و أصدقائه في أعماق نفسه .
استخدم الشاعر الصور الجزئية في البيت الأول (تشبيه تمثيلي )فهو يشخص الأرض في
صورة الفتاة المزهوة بما تلبس من الثياب .
و في قوله "تناسجته سوار " (استعارة مكنية ، فقد شبه السحب بالحائك
الماهر الذي يخيط المناسب من الثياب و سر جمالها التشخيص .
* و يستمر في تشخيص الطبيعة ،فيقول (شكرت ) و (تثني )فالأرض تقوم بأفعال لا يقوم
بها إلا الإنسان .
* ثم يشبه مسرى النسيم في الجسم بمسرى الروح فيه فكأنه يبعث الحياة لمن يستنشقه .
* ويواصل في أسلوبه الخبري ليقول أن الرياح حملت شكر الأرض و هو هنا يشبه الرياح
بالإنسان فهي تؤدي ما يؤديه العواد للمريض (استعارة مكنية ).
* وفي صورة مبتكرة يجعل من هذا المنظر (تحية أنف )فقد شبه الرائحة الطيبة برائحة
الصالح من الأولاد ،و في هذا يتغلغل لمعانِ عميقة لا تلتزم بالشكل الظاهر ،و إنما
تعطي عمقا واضحا (تشبيه تمثيلي ).
* بعد هذا يتطرق لتأثير هذا الجو على الكائنات والأصوات الصادرة من الطيور،فقد
شبهها بـ (البواكي ) و (القيان الشوادي ) و الصورة هنا تعكس الحزن العميق في نفسية
الشاعر وما يقابلها من سعادة في جو يملأه الفرح (طباق )و جماله في إبراز المعنى و
تأكيده .
* ثم يعطي بعد ذلك مقابلة عاكسة للحالة النفسية ظاهرا و باطنا بين (المثاني
الممتعات القران ) و (الفراد المفجعات الوحادي ) وتأتي المقابلة للتوكيد وإبراز
المعنى المراد ؛ فالأولى تتغنى و الأخرى تبكي حزنا و مواساة لقريناتها الحزانى
مثلها .
1- محب للطبيعة .
2. متشائم .
3. حزين .
4. يشعر بالوحدة
من ملامح التجديد في القصيدة : -
1- القصيدة قصيرة مقصورة على عدد محدود من الأبيات .
2. وحدة الموضوع و الغرض (الوحدة العضوية ).
3. تخلت عن المقدمة الطلية .
4. عميقة في أفكارها تعكس حالة الشاعر النفسية .
5. تشخيص عناصر الطبيعة و بعث الحياة و الحركة فيها .
6. الجمع بين الوصف الوجداني و الظاهري .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق